إنتِ من وين؟؟

مع كل مرة كُنت أُسأل هذا السؤال اتذكر سكيتش غنائي لفيروز في مسرحية جبل الصوان تقول فيه فيروز

بيضلوا يسألوك إنت شو إسمك؟

بتقلن إسمي فلان

ما فيك تكون بلا إسم

بيضلوا يسألوك إنت منين؟

بدك تقول منين

ما فيك تكون مش من مطرح

كانت هذه الأغنية تراودني و أبتسم مفاخرة بالجواب

!أنا من سوريا

بتُّ أدرك تماماً ما يرمون إليه عبر سؤالهم هذا، وأتقصّد من خلال جوابي، لفت انتباههم و إمهالهم، لبرهة من الوقت، ليفكروا بما أقول

نعم من سوريا! فلست أنتمي لقرية، قبيلة، أو مدينة، ولا حتى مدينة أبي، لأنّ لي أمّاً أفتخر بوجودها ككيان هام و أصيل ساهم مع أبي في تكويني، بل ربما لها الفضل الأكبر في ذلك، فأنا أنثى مثلها

فما الذي يدعوني للتعصّب لنسب أبي وطرح نسبها جانباً ؟ و لماذا أتعصّب لانتماء والديَّ و تأثير المدارس و المدن التي عشت فيها عليّ، كان أعظم من تأثير أهلي ؟

لم أتعمق يوماً ولم يشغلني هاجس السؤال الذي دأب السويديّون على طرحه عليّ، منذ بدأت غربتي بعمر صغير (١٩ عام) : من أين أنتِ؟ فالجواب كان سهلاً جداً وبديهياً إنّني من سوريا.. و هل هناك أجمل من جواب ينطلق تلقائياً بكل سلاسة دون حاجة للتفكير فيه، أنا لست من السويد إنّما أنا من سوريا

 بعد إنقضاء بضع سنوات في الغربة، بدأ بعض شعور بالغرابة بالتسلّل إلى نفسي خلال زياراتي للوطن، بدأت ألحظ استغراب البعض من بساطة واختلاف ملبسي، أو من سذاجة أسئلتي -حسب رأيهم- ، حين يبادرني سائلاً : من وين إنتِ؟ 

و كأنّها محاولة لتنبيهي إلى أنّني لا أنتمي إلى هنا …أيّا كان ما يقصده ب “هنا”، فكان الأمر يلتبس عليّ وأبدأ بالتشكّك… ؟ 

هل بت ّلا أنتمي لسوريا حقّاً ؟ 

وهل بدأ أثر البلد الآخر بالظهور عليّ، بشكل  أشدّ  وضوحاً، من أثر سوريتي! ؟ 

عندما كنت أسأل أصدقائي في السويد ذات السؤال، كانت الإجابة تأتي، غالباً، ذاكرة المدينة التي وُلِدوا أو تلك التي عاشوا فيها طفولتهم.. حتى ولو كان أهلهم موُلِدين في مدينة غيرها

عندما انتقلت مع طفلتي الأولى الى مدينة أخرى، وذلك لمباشرة العمل بأولى وظائفي الثابتة، كان زملاء طفلتي الجدد في المدرسة، يتعرفون على بعضهم البعض و يسأل كلٌّ منهم الآخر من أين أنت ؟ كان كل طفل يذكر اسم مدينته التي وُلِد فيها، و يتمازحون قائلين ( واضح من اللهجة ) مُلقين الدعابات حول لهجات بعضهم.. لم يسألها طفل من أين أنتِ أصلاً، بسبب لونها أو شكلها الذي يشي بأنّها ليست سويدية، لم يسألها أحد أو يهتمّ بأصل أبويها، لم يهتموا لنسبها لأنهم أبرياء التفكير و السريرة، و هذا ما يعمل الأهل على الحفاظ عليه تحديداً، وذلك منعاً من خلق حالة تفكّك في المجتمع. فالصديقة الجديدة هي كما هي إنسانة لها هويتها الخاصّة، و ستنضمّ إلى ذات المدرسة و تأخذ نفس الدروس، و هذا مايهمّهم .

توارت آثار السؤال الغريب إيّاه مع استقراري في المكان، وازدياد الوعيّ المدعوم بالتقدم في السّن … واستمر ذلك  لفترة طويلة، ولم أكد أرفل في نعيم الاعتقاد بأنّ المراحل الهادئة للتأمّل و التعمّق في الحياة قد حانت، حتي بدأت الحرب في سوريا، وحَملت إليّنا فيما حَملَت، صغائر لم يكن في الحسبان أنّها جديرة بالتعمّق بالتفكير، خاصّة بظروف الحرب العصيبة من تدمير وتشرّد وتيه وضياع انتماء

وعاد ذاك السؤال ليُطرح عليّ من جديد، لكن هذه المرّة، كان مطروحاً من السوريّين أنفسهم

 من وين إنتِ ؟ و كنت أجيبهم كالعادة، أنا من سوريا، وفي خضمّ إعادتهم لطرح السؤال، مع إصرارهم على استحصال بعض التفاصيل أو الكثير منها، عبر عبارات من نوع : منعرف إنّك من سوريا قصدي أبوكي من وين ؟ أصلك أصلك من وين؟ شو خايفة ندبحك إذا عرفنا إنتِ من وين؟ ماحدا رح يوصلّك إنتِ بالسويد ؟ جزعتُ

فقد تكشّف لي أنّ الكثير من الخوف، بات يُسيطرعلى حياة أبناء بلدي حتى وهم خارج حدوده، وأنّ ما عانوه في هذه الحرب البغيضة، التي ارتدت أثواب كل الحروب التي خيضت على مرّ التاريخ، قد لا يزول بسهولة، ولست أُنكر أنّ التاريخ قد حمّل هذه المنطقة ما لا تُطيق من بطش الحروب وصنٌاعها.. فكانت ذاكرة التاريخ الأسود تُعيد نقل ذات المشاهد في كل حرب، ناشرة الخوف ذاته 

ومع تيقُّني وعلمي بكل هذا… إلّا أنّني، وفي لحظة إجابتي عن السؤال حول انتمائي، كنت أطرد عتمة التاريخ من رأسي و أُجيب بما يتماشى مع قناعاتي و مبادئي، وقد يكون مردّ ذلك محاولتي الحثيثة دعوة السائل للتفكير خارج الصندوق .. إيّاكم والانصياع لضيق الأفق، الذي حُمِلتُم عليه بحكم كل ما يُحيط بتلك البقعة، ودعوا الإرث الأسود ليندثر.. تعلّموا الانفتاح على الحياة والمستقبل جميعاً، وتشبّثوا بما يُغني عقولكم وأرواحكم

تعلّمت، في سنيّ غربتي، كيف أصنع نفسي وأُعيد صياغة هويتي …. من   دراستي، إلى المجتمعات المختلفة التي عِشت فيها فأثّرت بي وأثّرت بها كذلك، فقراءاتي و اختلاطي بجنسيات وقوميات عديدة ومختلفة، وصولاً إلى عملي و خبراتي، تربيتي لأطفالي ….إلخ

هويتي أنا من يصنعُها، و ثقافتي هي هويتي

لا أعلم أين ومتى تحديداً، بدأت بعض الثقافات بربط هوية الطفل وتقيّيدها بهوية الأب

هويتي مطبوعة بأثر ذاكرتي وذكرياتها التي لا تُمحى، تلك التي أحملها معي أيّنما ذهبت وحيثما أقمت … فأنا أنتمي لمكان ولادتي و للنسيم المُحمّل بعبق الياسمين الدمشقيّ الذي تنشقته في بيتنا الشاميّ العتيق ؟ 

و أنتمي إلى حلب القلب التي نشأت و ترعرعت فيها، وكان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصيتي حيث المجتمع الذي احتضن نشأتي، إذ غالبا ما يكون لذلك المجتمع الأثر الأكبر على الإنسان و تكوين هويته، وفقاً لعلماء الاجتماع

كلّنا يعلم أنّ لكلّ مدينة سوريّة خصائصها التي تسم بها أولادها بالإضافة إلى اللهجة

أنا لا لهجة محدّدة لي، أنا مزيج  سوريّ بامتياز .. والدي -الذي أُقدّس-حملت طباعه الكثير من طباع أبناء ساحلنا، وعاش، بحكم عمله ، مُتنقّلاً بين مختلف مدن سوريا، حيث اكتسب من خصال أهلها ما أحبّ وترك ما لم يتوافق وهواه، و أُميّ المولودة في زحلة، و التي عاشت بين حمص و حلب، ثمّ تنقّلت مع أبي وحلّت حيثما حلّ ..  ذلك التنوّع كان ما يُوجّهني منذ البداية، ومنه بدأت أتعلّم كيف يمكن للإنسان  أن يصنع هويته الخاصّة به دون الإلتصاق بجغرافيا منطقة مُعيّنة. فالإنسان نتاج مراحل عدّة و يحمل الوفاء و الإخلاص لكلّ بقعة عاش فيها، يُشبه في ذلك الأُمّ التي تُكِنّ الحبّ لجميع أطفالها بالتساوي غير قادرة على  تفضيل أحدهم على الآخر، فكلّهم أجزاء منها و تنتمي لهم مجتمعين، نضجت معهم وأصبحت  ماهي عليه بفضلهم جميعاً،  في سرّها فقط،  تعي حقيقة أن أحدهم يًشبهها إلى حدٍّ كبير، فلا تجعله الأثير عندها وإنّما تفخر بهذا التقارب والشبه … كما أفخر أنا، في جهري و في سرّي، بأنّ حلب هي طفلي الذي يُشبهني 

هويّتي هو ما حملته معي من عطرٍ سوريٍّ مُكثّف من كلّ مدينةٍ أحببتُها، و مزجّته بالمجتمع الجميل الذي كبرت فيه و اكتسبت أجمل خِصاله ..وما زلت اكتسب العطر وأنثره في محيطي يوماً إثر يوم ….! أليس أجمل جواب يُمكن أن يُقال بعد كل هذا الشرح أنّني ..من بلد الشبابيك المزروعة بالحبّ المفتوحة عالصدفة، من بلد الحكايات المحكيّة عالمجد المبنيّة عالإلفة ..بأنغام الرحابنة و شدوِّ فيروز ؟

هذه هي هويّتي

بقلم فاديا رستم

تدقيق لغوي: الاستاذة أميمة ابراهيم

اللوحات المرفقة ادناه للفنانة و المعلمة سلام برهوم

مبادئ و أدوات التطوير الإبتكاري و الإبداع الموجه-الجزء الثاني

تحدثنا في الجزء الأول عن أنماط منهجيّات التَّطوير بشكل عام، وعن المبادىء الرئيّسية لمنهجيّة التّطوير الإبتكاري والإبداع المُوجّّّه (سنسميها مجازاً “الإنوڤاتية “) بشكل خاصّ

نُتابع في هذا الجزء الكشف عن وسائل العمل بها، عبر استعراض أنواع المشاريع وخارطة الطريق لتنفيذها. لكن قبل هذا وذاك من الجدير اولاً الفصل بين خمس درجات أو مستويات للنتاج الفكري وذلك لصعوبة المسائل التي يمكن تناولها

   المستوى الأول – الحلول الظاهرية : حلول بسيطة لمسائل مُتكرّرة بطرق تقليديّة. 30% تقريباً من المجموع العام

  المستوى الثاني – التحسينات الثانوية : تصحيحات ثانوية لنظم موجودة باستخدام طُرق مُعتمدة في مجالات ما. 45% من المجموع العام

  المستوى الثالث – التحسينات الرئيسية : تحسينات رئيسية تمّ التوصّل إليها عبر حل التناقضات في أنظمة تقنية أو إدارية. 20% من المجموع العام

  المستوى الرابع – الحلول الجديدة: حلول اعتُمد في استخدامها على مبادىء علمية جديدة. حوالي 4% من المجموع العام
  المستوى الخامس – الإكتشافات : حلول ابتكاريّة أساسها اكتشافات علمية لم تكن معروفة من قبل. أقل من 1% من المجموع العام

تّحدّد هذه التصنيفات مدى الإمكانيات البشرية في مجال استخدام طُرق التحليل الإبتكارية (تتراوح على الأغلب بين المستويات 2-3-4). في يومنا هذا، تنبثق عملية الإنتاج الفكري من منطق تنفيذ مشاريع التطوير، بينما تتوزّع طرق وأدوات التحليل  بين مراحل تنفيذ هذه المشاريع. و كلما انتقلت من مستوى الى أخر تطلّب الامر معرفة اكبر وآليات ذهنية استثنائية. لهذا يجب فهم أنواع المشاريع الإنوڤاتية وخارطة الطريق المعتمدة فيها:

مشاريع حل المشكلات وإزالة العيوب

مشاريع تقليص التكلفة

مشاريع تقنية التوقعات

مشاريع الاستراتيجيات الإبتكارية

وغيرها…

تنفيذ أي نوع من هذه المشاريع يخضع لعملية تخطيط مسبق لطرق التحليل التي يتوجّب استخدامها، وتتوزع على مراحل دورة حياة المشروع، والتي تتألف بشكل عام من

مرحلة التحضير وجمع المُعطيات: في هذه المرحلة يجب تكوين صورة متكاملة عن دواعي وغايات طرح المسألة والمشروع. من خلالها يقوم المنفذون بسبر المعلومات المبدئية المرتبطة بالأطراف المعنية (Stakeholders) بنتائج تنفيذ المشروع. ولهذا الغرض، يجب تحضير واستخدام نماذج استبيان واستطلاع متخصصة بكل نوع من أنواع المشاريع، ومن المهم أن تتحقق في هذا العمل عوامل المصداقية والموضوعية  لأن تدقيق خارطة الطريق وأدوات المشروع الإنوڤاتي جزء لا يتجزأ من التنفيذ

يمكننا هنا استخدام عدد من أدوات جمع المعطيات وتحليلها، منها تحليل MPV والذي يعني تحصيل القيم الرئيسة للعوامل و المؤشرات المدروسة أثناء تطوير المنتجات أو الخدمات. هذه القيم تترتب بتسلسل هرمي وتمتلك تفرعاتها أوزان معينة، و تصبح فيما بعد دليلاً وأساساً مشتركاً لمُنفذّي المشروع والأطراف المعنية بنتائجه. لفهم أفضل عن كيفية العمل بهذه وغيرها من الأدوات سنخصص مقالات قادمة أخرى تحكي عن أمثلة حية تم تناولها في مشاريع سابقة.

مرحلة الدراسة التحليلية: هذه مرحلة واسعة وعميقة هدفها الوصول لمفاتيح أو جذور المسائل، والتي قد تختلف عن صياغتها الأولية مع بداية المشروع، مما يعني إعادة النظر وتغيير زاوية فهم المشاكل أو العقبات القائمة أمام الأطراف المعنية. كما ذكرنا في الجزء الأول من هذا المقال، فإن هذا يُعدّ أحد المبادىء التي تقوم عليها منهجية التطوير الإبتكاري (أو الإنوڤاتية) التي تمنح بعداً ومساحة جديدين في استخراج الحلول وتجاوز العوائق، كما يميز هذا النوع من مشاريع التطوير عن غيره. صياغة المشكلة بشكلها الصحيح كما نعلم، يعني قطع أكثر من نصف الطريق لحلّها

عدد كبير نسبياً من أدوات التحليل مُتاح أمام مُنفّذي  المشروع في هذه المرحلة وترتيب استخدامها يحدد الإختلاف الحقيقي بين أنواع المشاريع أعلاه، سنقوم بذكر بعض هذه الأدوات، تضم روابط تمكن القارىء من الإطلاع المفصل عليها

صياغة التناقضات الإدارية،،التقنية، الفيزيائية –

Contradictions formulation

تحليل مسببات العيوب

Cause-effect chains analysis

التحليل الوظيفي للنظم

Function modeling

تحليل التوجهات  –

Trends of evolution analysis

تحليل التيارات

Flows analysis

تحليل الموارد

Resources analysis

وغيرها…

3- مرحلة استخراج الحلول: تتبع أدواتها للنتائج التي تم التوصل إليها في المرحلة السابقة، ما يعني الإستخدام النوعي لأي من طرق استخراج الحلول بما يتناسب مع صياغة جذور المسائل. في أغلب الأحيان، يتم استخراج اتجاهات الحلول التي تولد الأفكار والتي تتحول بدورها  إلى صياغة حلول مدروسة وتفصيلية. الدراسة والتفصيل هنا، تعني صياغة المشاكل والعقبات الثانوية وحلها أيضاً، دون ترك مصيرها مجهولا” في أيدي الأطراف المعنية. مدى دراستها وتفصيلها يحدد مدى نجاحها في المرحلة القادمة. من هذه الأدوات نذكر

حل التناقضات

Contradictions solving

البحث الوظيفي

Function-oriented search

مقارنة الأنظمة والنقل التقني –

Benchmarking and Feature transfer

المشغل النظمي

System operator

وغيرها…

مرحلة تنفيذ الحلول: تتسم هذه المرحلة أيضاً بالإستبيانات المتخصصة عن آليات وجودة تنفيذ النتائج من تحاليل وحلول المراحل السابقة. يمكن أيضاًهنا تفعيل مشاريع أخرى قصيرة ومتعددة في إطار المشروع الأكبر. هذه المشاريع القصيرة تركز على دورة حياة التعامل مع المسائل الثانوية التي لا تقل أهميةً بالنسبة للأطراف المعنية

بهذا نكون قد استعرضنا بشكل سريع ومكثف أهم سمات المشاريع الإنوڤاتية وأدواتها، الأمر الذي يتيح للقارىء تشكيل انطباع مُبَسَّط مبسط عن مضمون أنشطة التطوير الإبتكاري والإبداع الموجه. لكن من أجل تفعيل الأدوار والإمكانيات في هذا الإتجاه، يجب ممارسة كل من أدوات التحليل المذكورة والتنقل بين المشاريع بأنواعها. لهذه الغاية، سيتمّ التّحضير لدورات تدريبيّة أونلاين من خلال مجموعة آينيسيس و كتابة مقالات تخصّصيّة لنقل هذه المعرفة واكتساب مهاراتها

i-NESIS

بقلم: الدكتور أحمد رامز قاسو

تدقيق لغوي: الأستاذة أميمة إبراهيم

ظاهرة مانديلا


.تأثير  ظاهرة مانديلا  تجعلنا نتساءل حتى عن أكثر الذكريات دنيوية من الماضي 

في يونيو 2019، جُعِلَ من ظاهرة مانديلا موضوعَ لغزِ الكلمات المتقاطعة الشهير في نيويورك تايمز وعُرِّفَت على أنها “تحسين حديث

 للذاكرة الخاطئة التي تشير عادةً إلى ثقافة البوب (ثقافة البوب لا تعني هنا الثقافة الشعبيّة، إنما نقصد  المواد الترفيهيّة التي تحظى بشعبيّة عالميّة)  أو مراجع الأحداث الحالية”. تم تسميت الظاهرة هذه من قبل الباحثة فيونا بروم وهي تتذكر شيئاً لا يتطابق مع السجلات التاريخية

“Febreeze” على سبيل المثال، الأشياء التي تستخدمها لجعل رائحة منزلك منعشة ليست

 أحبت بروم فكرة أن تأثير ظاهرة مانديلا، أو حتى  الآخرين الذين يزعمون أنهم يتذكرون بوضوح أحداثاً أو تفاصيل مختلفة، يمكن أن تكون دليلًا على أننا موجودون في حقائق بديلة. لسنا متأكدين تماماً من أن هذه هي الحقيقة، لكن هذه المقارنات بين الاعتقاد السائد والواقع قد تجعل فكوكنا تصطدم بالأرض أثناء الكتابة. هناك ٤٠ مثالاً مشهوراَ على هذه الظاهرة تستطيع الإطلاع عليهم هنا 

من أين أتت تسمية هذه الظاهرة؟ 

توفي نيلسون مانديلا، الذي سميت هذه النظرية باسمه، في 2013

ومع ذلك، يتذكر عدد لا يحصى من الناس بوضوح وفاته في السجن في الثمانينيات. لكن موته ليس المثال الوحيد لتأثير مانديلا. لقد كنا مخطئين بشأن الكثير من التواريخ والتفاصيل والمزيد استمر في اللحظات الأكثر شيوعاً في التاريخ

‎الحياة مثل علبة من الشوكولا

‎ليس ما قاله فورست غامب (الذي لعب دوره الممثل توم هانكس المذهل) بعيداً عن هذه الظاهرةً في الواقع

 “إذا استمعت عن كثب لجملته سوف تسمعه يقول، “كانت الحياة مثل علبة شوكولاته

بينما الجميع يتذكر و يردد قوله كالتالي : الحياة علبة شوكولاته

الذاكرة المخزّنة تخدعك 

 يمكنك استرجاع ذكرى من دماغك، لكن الوقت والتذكر غير المتكرر يمكن أن يجعلك تعيد الذكريات معًا بطريقة مختلفة قليلاً حيث لا يكون تذكرك لحدث ما تصويراً دقيقاً

 كيف يمكنك التعرف على ذكرى زائفة؟

 لن نكذب – من الصعب حقاً التعرف على ذكرى زائفة.  عادةً ما تكون الطريقة الوحيدة لمعرفة أن ذاكرتك خاطئة أو حقيقية هي دعم قصتكبأشخاص آخرين أو بأبحاث

 إذا كنت تتذكر قولاً معيناً، فيمكنك البحث عنه من موقع أو مواقع موثوقة، أو محاولة تأكيده مع الآخرين

أيضاً، قد تؤثر قدرات الأشخاص عبر الإنترنت على تغيير الصور والشعارات والأقوال على استرجاعك للعنصر الأصلي

 إحدى مشاكل إثبات قصة ما مع الآخرين هي أن الناس يميلون إلى تأكيد ما يعتقده الآخرون أنه صحيح

تجميع الذكريات الزائفة

هناك أمثلة لعدة أشخاص مختلفين يتشاركون ذات الذاكرة غير الصحيحة. تمت تسمية هذا التأثير كما ذكرنا أعلاه مِن قبل فيونا بروم، حيثوصفت بالتفصيل كيف تذكرت وفاة نيلسون مانديلا في السجن في الثمانينيات، قبل فترة طويلة من انتخابه رئيساً لجنوب إفريقيا في عام1994. قالت إنها تتذكر كيف انتهت الوفاة في وسائل الإعلام وكيف ألقت أرملته ويني مانديلا خطاباً فيما يتعلق بجنازته. الشيء الفريد هو أن الأشخاص الآخرين الذين سمعوا عن نسخة بروم وافقوا وقالوا إنهم تذكروا نفس الشيء بالضبط

‎الكون البديل

  بعض المجموعات  والتي لديها ميل للتصوف وتصديق الظواهر الخارقة،فسّـرت  هذه الذكريات ايضا وفق هذه النظرية حيث لا يمكن

 .أن تكون مصادفة

  إن تأثير مانديلا ماهو في الحقيقة الا بسبب وجودِ أكوانٍ موازية مختلفة حيث مات مانديلا بالفعل في السجن، و أنه كان للقرد نيك (لقباً) كيوريوس في الواقع ذيل وما إلى ذلك، وأن الحقائق من هذه الأكوان أحياناً “تتسرب” إلى وعينا

‎على ماذا تعتمد؟

. ‎الخطأ ويمكن تفسيره بسهولة تامة بظواهر مثل الذكريات المكبوتة والتشاؤم ‎الحقيقة أكثر واقعية، أي أن الناس غالباً ما يتذكرون 

 لكن لماذا يتشارك الكثير من الناس ذكريات خاطئة متطابقة؟ إذا تجاهلنا حقيقة أن الذكريات ليست “متطابقة” كما يُزعم،   فيمكن للمرء أن يجد أسباباً طبيعية للارتباك إذا نظر المرء إلى كل حالة على حدة

 توفي مقاتل من أجل الحرية من جنوب إفريقيا يُدعى ستيف بيكو في حجز الشرطة عام 1977

 .وربما خلطه الكثيرون مع مانديلا ، الذي جعل بيكو نموذجاً يحتذى به

‎هذه التفسيرات أكثر عقلانية بكثير مما نحصل عليه من نبضات الذاكرة من الأكوان المتوازية على الرغم من أنها ليست خيالية ومذهلة للتفكير

ونحن في مجتمعاتنا العربية قد مرّت ذاكرتنا حتماً بهذا النوع من المغالطات الناتجة عن تأثير مانديلا دون أن نعيَ ذلك،   او لم نضع يوما ما اعتقدناه حقيقة خالصة موضع تساؤل او شك.  وقد آثرنا في شبكتنا عدم تعداد أمثلة خشية أن نحرف المقال في اتجاه واحد فقط لكن وببعضٍ من التفكير سيظهر لكل منا مغالطة معينة تنبه لها الآن فقط. لا نستطيع اكتشاف ذلك إلا إذا تساءلنا وسألنا من حولنا عن أصل مانعتقد أنه حقيقة. فشاركونا اعتقاداتكم ومعرفتكم علنا نتوصل معاً إلى امثلة مشتركة

إعداد و ترجمة فريق آينيسيس
تدقيق لغوي روكسانا سيمونيه

Website Built with WordPress.com.

Up ↑