هل نمارس في سوريا السياحة البيئية المستدامة ؟

السياحة البيئية هي شكل من أشكال السياحة، والهدف منها حماية الطبيعة من خلال مراعاة القيود البيئية للوجهة السياحية. و تختلف عن السياحة العادية في أنها تتوجه الى الطبيعة الفائقة بتميّزها. تم استخدام كلمة السياحة البيئية منذ 1980 على الأقل وفي عام 1991 أنشأت الجمعية الدولية للسياحة البيئية تعريفاً للسياحة البيئية على الشكل التالي: هي سفر مسؤول في الطبيعة و البيئات الاولية البكر التي بقيت على حالها و لم تفسدها أنشطة البشر، فالسفر المسؤول يساعد على حماية البيئات الطبيعية و التعرّف عليها ودعم رفاهية السكان المحليين واستمرار بقائهم و بقاء تراثهم.

و قد أوجدت أنظمة تصنيف الجودة للسياحة البيئة ومنها التقليل من استخدام الموارد التي تحدث تأثيراً سلبياً على الطبيعة باستخدامها كالطيران او وسائل النقل التي تعتمد على الوقود الأحفوري في السياحة البيئية. و هنا يمكن اختيار الطيران مع شركات الطيران التي لديها سياسة بيئية واضحة او استخدام أفضل البدائل الممكنة وتشجيع النقل العام. كما أن استغلال السياحة للطبيعة البكر يجب أن لا يؤثّر سلبياً على ثقافة الشعوب الأصلية المختلفة.

مصطلح السياحة البيئية هو مصطلح حديث نسبياً..تعتمد السياحة البيئية، مثل السياحة العادية، على رغبة الناس في السفر إلى أماكن خارج مسقط رأسهم والإقامة فيها أو الاكتفاء بالقيام بأنشطة فيها خلال ساعات، مع التركيز على اهتمام الناس بالبيئة والاستعداد لإلحاق أقل ضرر ممكن بها. السياحة البيئية إذاً هي سياحة بيئية واقتصادية معاً. هذا يعني أن شكل السياحة يخلق بوعي طلباً على الأنشطة التي تفي بتعريف المصطلح. ترتبط الأنشطة عادةً بالطبيعة وتسعى لإحداث تأثير إيجابي على الظروف المعيشية للسكان المحليين ، ولكن يمكن أيضاً إجراء السياحة البيئية في المدن على شكل زيارات ثقافية، طالما أن الحدث يلبي أهداف السياحة البيئية.

مثال على هذه السياحة البيئية هو أنواع مختلفة من رحلات السفاري للحيوانات التي تفيد أيضاً السكان المحليين حيث يمكن توظيفهم، على سبيل المثال، المرشدين السياحيين والسائقين وموظفي الفنادق و المطاعم. يوفر هذا مصدر دخل للسكان المحليين ويزيد من احتمالية الحفاظ على الحيوانات. الغوريلا أيضاً مثال على الحيوانات التي استفادت من هذا النوع من السياحة البيئية. الحيتان من الحيوانات الأخرى الشائعة التي ينظم لها منظمو الرحلات في السياحة البيئية رحلات السفاري.

تأخذ السياحة البيئية في الأساس بالاعتبار – للطبيعة والسكان المحليين والمستقبل. إنها سياحة تأخذ نقطة انطلاقها في المشهد الطبيعي والثقافي المحلي ، بشعبها ، والحيوانات ، والنباتات ، والصناعات ، والمواسم ، والتقاليد . و ترتكز على المصطلحات التالية: الحفاظ على الطبيعة ، والوساطة التربوية والمجتمع المحلي. فالفكرة الأساسية هي أن الجذور المحلية للسياحة البيئية تجعل السياحة محركاً للتنمية في المنطقة. هذا يعني أن أولئك الذين يرغبون في الترويج للسياحة البيئية – ونأمل أن يقرأوا هذا الكلام- يريدون الوصول الى المنتجين المحليين للأسماك واللحوم والخضروات و يفضّلون المرشدين المحليين وأصحاب العقارات وقوارب التاكسي والمطاعم وما إلى ذلك. تساهم السياحة بعد ذلك في تنمية ريفية إيجابية في نفس الوقت الذي يحصل فيه السائح على جودة أعلى بكثير في متعته السياحية والمنتجات والخدمات التي يشتريها.

يقول بلال الشايب، و هو باحث بيئي من فلسطين يعمل في مجال الطاقة المتجددة والمياه وعضو في جمعية مركز الاعلام البيئي، في مجلة تسعة للبيئة 2015 :

السياحة بشكل عام هي تجربة فريدة للتعرف على مناطق جديدة وقضاء أوقات ممتعة وأما السياحة البيئية فهي تقتضي ان يتصالح الانسان مع الطبيعة ويصبح جزء من الجهود الرامية إلى الحفاظ عليها , ولتحقيق هذا الهدف لا بد أن تقوم السياحة البيئية على عدة مقومات أهمها. التنوع البيئي للمناطق السياحية من حيث الحياة البرية او التضاريس اوالمناخات للمناطق السياحية.

إمكانية اجتياز هذه المناطق والتجول فيها بطرق بدائية مثل المشي أو استعمال الدراجات الهوائية دون الحاجة إلى استخدام وسائل حماية متقدمة أووسائل تنقل الية مثل السيارات الملوثة للبيئة. القدرة على إنشاء بعض التجهيزات اللازمة لخدمة السائحين مع الحفاظ على التوازن البيئي وعدم التأثير على أي نظام بيئي قائم في المناطق السياحية.

رفع الوعي البيئي للسائح وكذلك جعله أكثر تفاعلا مع قضايا وهموم المناطق التي يزورها. احترام الثقافة المحلية للمناطق التي يتم زيارتها وعدم المساس بحقوق السكان أو بالمعايير والقوانين المتبعة في الدولة التي تقع المناطق السياحية ضمن حدودها.

النشاطات التي تندرج تحت مسمى السياحة البيئية

هناك عدة نشاطات استكشافية تندرج تحت السياحة البيئية بالإضافة الى بعض الأنشطة الأخرى التي يمكن تحويلها الى أنشطة بيئية برغم أنها لا تندرج تحت هذا التصنيف، ويمكن اعتبار النشاطات التالية تعبيرا صريحا عن السياحية البيئية.

تسلق الجبال : ففي العالم اليوم آلاف متسلقي الجبال المحترفين بالإضافة إلى مئات آلاف الهواة الذين جربوا خوض هذه المغامرة الشيقة لاعتلاء إحدى القمم الأشهر في العالم مثل قمم جبال همالايا او قمة جبل كلمنجارو او سلسلة جبال الألب وغيرها من السلاسل الجبلية والمرتفعات الشاهقة حول العالم, ويتم الوصول إلى تلك القمم بواسطة الطاقة الذاتية للمتسلق مما يعني عدم تلوثها.

الرحلات داخل الغابات الممطرة: مثل الغوص في أعماق غابات الأمازون الاستوائية التي تعد رئة العالم, وتشمل هذه الزيارات مراقبة الأنواع الفريدة من الكائنات الحية في تلك الغابات ولا يقتصر الأمر على غابات الأمازون فهناك العديد من الغابات التي يمكن استكشاف الحياة الطبيعية الرائعة فيها.

رحلات مراقبة الحياة البرية: من طيور ونباتات وحيوانات مهددة بالانقراض وتنظم هذه الرحلات في الغالب جمعيات الحياة البرية المتخصصة بحماية الأنواع المهددة بالانقراض وزيادة الوعي البيئي بأهمية كل نوع من أنواع الكائنات الحية.

الرحلات الصحراوية: التي تهدف الى الخروج الى الطبيعة دون قيود حضارية وإقامة الحفلات القائمة على وسائل بدائية لتقديم تجربة صفاء ذهني وروحي للسائح.

رحلات الصيد البري أو البحري: الموافقة للشروط القانونية والبيئية بما يضمن عدم الإخلال بالتوازن البيئي مع دم المساس بالأصناف المهددة بالانقراض.

رحلات تصوير الطبيعة: إذ تقوم الجمعيات البيئية بتنظيم رحلات لهواة التصوير وذلك لمنحهم فرصة للاقتراب من الطبيعة وتقديم أفضل الصور لها.

المشاركة في الفعاليات الدولية البيئية: او تلك الفعاليات المحلية الخاصة ببلد معين والتي تهدف الى تسليط الضوء على بعض القضايا البيئية مثل المشاركة في يوم الأرض العالمي او في ساعة الأرض او في أي مسيرة بيئية تهدف إلى مواجهة خطر معين يحيق بنوع من الأنواع أو بإحدى الغابات والمحميات الطبيعية او غيرها.

تساهم السياحة البيئية في تطور الاقتصاد الأخضر القائم على حماية البيئة واستدامة الموارد كما تزيد من فرص نمو التعليم البيئي في الدول النامية التي تعاني من معدلات عالية من التلوث نتيجة غياب تقنيات معالجة النفايات الصلبة والسائلة وعدم تطبيق قوانين صارمة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية, كما تساهم في الحفاظ على المناطق الأثرية من التدهور بفعل الممارسات الخاطئة لبعض السائحين والتي تؤدي الى حرمان العالم من موروث ثقافي مهم، وبالتالي فإن للسياحة البيئية فوائد جمة لا تقتصر على البيئة بل تتعداها الى الاقتصاد والثقافة وحقوق الإنسان وهو ما يزيد فرص نموها عام بعد عام.

في النهاية نود، نحن فريق آينيسيس، أن نؤكد أن السياحة البيئة هي مصدر بيئي للإلهام و مفهوم تجاري جديد و واحد من أسرع الصناعات نمواً. فالسياحة البيئة لا تختصر فقط على زيارة الأماكن الطبيعية في حالتها البدائية للاستمتاع بالبيئة والطبيعة ،كما شهدنا في بعض المبادرات في سوريا التي تحدث مرة في السنة، و لكنها يجب أن تقوم بدعم وتنمية المناطق الريفية بما يلائم بيئتها ودعم السياحة التجارية بطريقة مثمرة و مستدامة تراعي الاقتصادات التقليدية وثقافات السكان الأصليين و تخلق جواً من الاستمرارية المتكررة. و هنا يأتي دور وزارة السياحة في دعم كل هذا من خلال توفير وسائل النقل والطرقات السليمة و النظيفة و تسهيل الوصول لهذه المناطق و نشر الوعي البيئي عند الراغبين في السياحة. و إعطاء حق الآولوية للسكان المحليين على الاستثمار و منع المنشآت السياحية الضخمة من التواجد بحيث تُفسِد البيئة البكر. و يجب أن لا ننسى أن السياحة البيئية أنها تحمي القيم الطبيعية والثقافية الفريدة حول العالم، وتسبب أضراراً بيئية أقل من السياحة الأخرى.

هل بإمكانك أن تذكر إسم لجمعية سورية تدعم السياحة البيئة ؟

فريق آينيسيس تابع جمعية سنديان و جمعية حريرنا السوري و أكتشف ان أحد اهدافهم هو من نوع دعم السياحة البيئيةخ.. هل لديك معرفة لجمعيات أخرى؟ هل تشارك بنفسك بأنشطة تدعم السياحة البيئة، و هل بإمكانك أن تذكر لنا نوع الأنشطة؟ هل سمعت عن جمعية سورية تدعم السياحة البيئية و تنال دعم من وزارة السياحة أو وزارة أخرى؟

Website Built with WordPress.com.

Up ↑